جهــــــــاد غلمة
قائد خلاية عز الدين القسام في جبل الخليل
المهندس الثاني لكتائب القسام في ضحى الخامس من شباط أعلنت شمس خليل الرحمن ميلاد السنبلة الإيمانية : جهاد غلمه، في منزله الكائن قرب المسجد الإبراهيمي ليرضع كل يوم خمس مرات صوت الله أكبر مردداً في وجدانه، نشأ طفلاً وغلاماً وشاباً في ظل أسرة تقية تحثه وتعلق قلبه في المساجد وخاصة
مسجد ابن عثمان في البلدة القديمة ليواظب فيه على الطاعات وتلقي الدروس الدينية وتأصلت بذلك شخصيته الإيمانية وترعرعت بذرته الإسلامية فأحبه الصغير والكبير.
انخرط في صفوف جماعة الإخوان المسلمين عام 1982م. أما عن صفاته فكان رحمه الله هادئ النفس يحفظ من القرآن ثلثيه منكباً على مطالعة الكتب الإسلامية ومتأثرا بشخصية الشهيدين سيد قطب وعبد الله عزام، واعتاد صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع ، أنهى رحمه الله الثانوية العامة ، فـأراد أن يكمـل
تعليمه فلم يجد أفضل من دراسة الشريعة الإسلامية وفكر بالسفر إلى السودان من أجل ذلك إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية منعته من السفر فلم يؤثر ذلك على عزيمته في متابعة دراسة الشريعة الإسلامية فتوجه لدراستها في كلية الدعوة وأصول الدين في قدس الأقداس، وكان خلال وجوده في القدس دائم التردد على المسجد الأقصى يصلي فيه معظم الأوقات خاصة صلاة الفجر في جماعة.
كان رحمه الله من أوائل الذين أشعلوا الانتفاضة المباركة لهيباً تحت أقدام الصهاينة انتقاماً للكرامة وسخطاً على الأعداء يهود، وحينما بدأت حركة المقاومة الإسلامية حماس تشق طريقها كان رحمه الله من أبرز أبنائها النشيطين وكان مسؤولاً عن المنطقة الشمالية في مدينة الخليل لحركة حماس في حين كان الشهيد حاتم المحتسب مسؤولاً عن المنطقة الجنوبية في الخليل، اعتقل شهيدنا البطل في عام 1988م لمدة شهرين وكان لهذا الحدث الأثر في تقدم مشروعه الجهادي حينها انضم في عام 1991م إلى مجموعة شهداء الأقصى في كتائب عز الدين القسام والتي كان من قادتها الشهيد البطل عماد عقل ، وأنيطت به عدة مهام عسكرية قام بأدائها على أكمل وجه ثم شرع إلى تطوير سلاح قاذف عرف بسهم رامبو (قوس النشاب) ولذلك أطلق على شهيدنا فيما بعد لقب رامبو القسام وظل يعمل مع إخوانه بسرية تامة حتى اعتقل هو ومعظم إخوته، حول للتحقيق لمدة شهرين في زنازين الخليل ومعتقل الظاهرية حيث مكث في معتقل الظاهرية ما يقارب العام حتى هيأ الله له الأسباب ليتحرر من المعتقل هو وإخوة له هم الشهيد أمجد شبانه والشهيد طاهر قفيشه بتاريخ 12/11/1993م، موجهين بذلك ضربة قاسية لأجهزة الأمن الإسرائيلية بعدها توجه بطلنا هو ومن معه إلى مدينة الخليل مدينة الشهداء التي ضمتهم بكل حفاوة وحب وجعلت من أبنائها البررة خير معين لهؤلاء الأبطال حيث التقى بمجموعة الشهيد أمجد أبو خلف حيث زودوا بالسلاح وقاموا بالتنسيق للعمل الجهادي فيما بينهم. بدأ العقل الجهادي الأكثر سخونة يحول مدينته خليل الرحمن وضواحيها وباقي لوائها لساحات شرف يمتطي فيها جند القسام خيول الإباء مع مجموعته التي أطلق عليها اسم وحدة الأهوال ويسقط القتلى من الجنود ومستوطني الاحتلال صرعى برصاص القساميين بقيادة هذا الشهيد القسامي الذي أطلق عليه الصهاينة لقب المهندس رقم (2) لكتائب القسام. قام بإطلاق أول صاروخ على الاحتلال على مبنى الدبوية ثم مبنى الحاكمية العسكرية ليدكها بتلك الصواريخ القسامية، ويعتبر هذا الشهيد أول من أطلق الصواريخ من القساميين على أحفاد القردة والخنازير بني يهود وصدر بيان قسامي عبر فيه أن العملية جاءت انتقاما لمقتل الشهيد إسلام أبو رميله والشهيد زهير فراح .
مع اقتراب أعياد يهود بدأ رحمه الله يفكر في توجيه ضربة قاسية تشل حركتهم وتحرم عليهم مدينة إبراهيم الخليل فيختار الزمان والمكان المناسب لذلك، وعند اقتراب الموعد يستعد بطلنا للمواجهة فيصطحب معه المجاهدين عادل الفلاح وطارق النتشه لينطلق إلى عمليته، ولكن إرادة الله تحول بينه وبين ما أراد فإذا بقوة خاصة من المستعربين تطوق سيارته وتمطر المجاهدين بوابل من الرصاص فيسقط أولا الشهيد عادل الفلاح ثم طارق النتشه ويستطيع جهاد غلمه امتشاق سلاحه والتحرك إلى شجرة بعد أن رد بإطلاقه الرصاص ، إلا أن اللقاء مع الحور العين قد أزف وإن أغلى الأماني قد حان فانتقلت روحه إلى بارئها تحملها ملائكة الرحمن وتفرح للقائها الحور العين في جنات الفردوس بتاريخ 16/4/1995م . وأعلنت سلطات الاحتلال بعد استشهاده عن مقتل تسعة من الجنود والمستوطنين وإصابة عشرين آخرين على يد هذا الشهيد وإخوته الميامين ، فإلى جنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء أيها الشهيد الحبيب.