بطل عملية أدورا الفدائية 27/4/2002
بطاقة شخصية :
طارق رسمي عارف دوفش ،
ولد في حي الجلدة في مدينة
الخليل في 12/10/1982 ..
درس المرحلة الأساسية حتى
الصف الرابع الابتدائي في
مدرسة رابطة الجامعيين في
الخليل ثم التحق بالمدرسة
الشرعية للبنين .
كان الأول على صفه وكان
متفوقا في دروسه وأخلاقه
منذ طفولته وحتى دراسته الجامعية .
التحق بجامعة بوليتكنك فلسطين تخصص برمجة كمبيوتر سنة ثانية ، له أربعة أشقاء و شقيقة واحدة و هم جهاد و براء وعبادة و قتادة ودعاء و كان ترتيبه الثاني بين إخوته .
تعمل والدته مدرسة في المدرسة الشرعية للبنات التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية و يعمل والده مصوراً في أستوديو النجوم ..
التحق الشهيد البطل بحركة حماس منذ نعومة أظفاره وكان عضواً في مجلس اتحاد الطلبة في جامعة بوليتكنك فلسطين و ينتمي إلى
كتائب الشهيد عز الدين القسام مجموعة الشهيد عباس العويوي .
عاشق في رحاب الله :
ربما صح التعبير و لكنه قد لا يعطي المعنى الدقيق لعاشق نشأ في رحاب الله ، الشهيد طارق رسمي دوفش أحسن الخطا إلى المساجد منذ أن كان عمره أربع سنوات ، وتقول والدته أم جهاد إن (أبا الأمير) وهذه كنيته ، كان يذهب إلى المسجد و عندما لا يجد مكانا يقف فيه من كثرة ازدحام المصلين كان يأخذ مكانه بين الرجال عنوة و يعتقد الرجال أنهم يفسحون لرجل كبير ولما كانوا يشاهدون طفلا صغيرا كانت تبهرهم وقفته وخشوعه وعندما ينصرف الرجال من المسجد كان يقوم بالصلاة في إحدى الزوايا ، وعندما سئل لماذا تصلي وقد أكملت صلاتك فيقول أقضي ما فاتني من عمري و يقصد الأربع سنوات التي عاشها طفلا بلا صلاة ، أم جهاد قالت أيضا إن حياة طارق كانت كلها لله في كل حركة وسكنة كان يقصد وجه الله حتى السعلة يسعلها يحسب أنها في سبيل الله .
و تروي لنا قائلة إنه كان يعمل طوال النهار وعندما يكلف بأمر ما يعد بأن يعمله فورا و يفعله دون شكوى أو تذمر . و لم تشعر يوما أنه طالب للدنيا أو ملذاتها حتى الطعام كان يأكله فقط ليتقوى به على طاعة الله و كانت تشعر أنه عندما كان يأكل لا يتلذذ بالطعام أو الشراب بل كأنه يضع الطعام في وعاء غير جسمه ، وتقول إن طارق أمضى معظم حياته صائما و قد استشهد وهو صائم ..
لله درك يا أبا الأمير هكذا كنت وأنت المتفوق في دراستك المسارع إلى خدمة والديك السباق إلى طاعتهما ، أم جهاد كانت تتحدث إلينا قليلا ثم تستأنف حديثها مع النساء المهنئات قليلا وتوضح لهن بعض الأمور .
اسألي الله لي الشهادة :
ـ لو كنت تعلمين بما سيقوم به طارق قبل ذهابه إلى المستوطنة ماذا كنت تفعلين ؟ ..
عندما استمعت أم جهاد إلى هذا السؤال ابتسمت بيقين المؤمن وقالت :
"ليتني كنت أعلم ، و الله لو علمت لأعددته لذلك خير إعداد ولفعلت ما لم تفعله امرأة في سبيل الله ؟؟ ليتني كنت أعلم" .
ـ هل تشعرين بالمقارنة مع والدة الشهيد محمد فرحات ؟؟
طأطأت رأسها و قالت :
"هناك فرق لأن أم الشهيد محمد فرحات هي موجهتنا و معلمتنا و لكن الفرق أنها كانت تعلم بأن ابنها ذاهب للمستوطنة وقد استعد لذلك لأن محمد فرحات حمل السلاح و عمره 10 سنوات و دخل المستوطنة و عمره 17 عاما ، أما طارق فقد كان حديث عهد بالسلاح و مع ذلك دخل المستوطنة و قتل خمسة صهاينة و تجول في بيوت المستوطنة بيتا بيتا لم يجد فيها إلا من قتلهم و جرحهم ثم خرج إلى مدخل المستوطنة مع رفاق الدرب ، و حسب ما جاء في بيان كتائب القسام على لسان من كانوا معه أنه قال لهم (لم آت إلى المستوطنة كي أعود إلى بيتي إنها الشهادة) و ظل يطلق النار حتى استشهد" .
في اليوم الذي كان طارق ينوي فيه الذهاب إلى المستوطنة جلس مع كل من أمه وأخواته و تجاذبوا أطراف الحديث ، وتقول أم جهاد إن الشهيد طارق طلب منها وألح في الطلب أن تسأل الله أن يرزقه الشهادة ، وتقول إنها ترددت كثيرا وكانت بين يديها شهادة طارق للصف الثامن حيث كانت تحتوي على علامات مدرسية عالية و قد كان متفوقا فيها و كانت تحتوي معدلات عالية جدا ، وتضيف أم جهاد : "إنني قلت له في تلك اللحظة سأطلب لك الشهادة يا طارق إذا كانت لديك القدرة على قتل يهود بعدد علاماتك المدرسية التي تجاوزت الألف علامة في جميع المواد ، فقال (هذا الرقم كبير جدا يا أمي و لكن ما دام لدي القدرة و الاستعداد لقتلهم لماذا لا أفعل و لماذا لا تطلبين لي الشهادة ثم ؟) ثم أخذ يلح ويلح حتى قلت أمامه اللهم ارزق طارق الشهادة و كان هذا آخر حديث له معي ، و عند صلاة الفجر سمعت صوت الباب يفتح فقلت لعله طارق ذهب لصلاة الفجر في المسجد" ،
فقلت لها و قد دفعني فضولي "أي شهيد تمنيت لطارق أن يكون مثله ؟" ، فأجابت على الفور "(محمد فرحات) ، لقد دعوت الله أن يوفق طارق أن يقوم بعمل ناجح مثل محمد فرحات … وإنه لفخر أن يقوم طارق بعمل مشابه" ..
ثم سألناها : "وهل كنت تتوقعين هذا العمل الجريء ؟" فردت : "أنا لم أتوقع قط أن يقوم طارق بهذا العمل و قد قلت له عندما سألني أن أدعو الله أن يرزقه الشهادة أنتم ضعاف رقاق لم تستعدوا لمثل هذه الغاية" .
و أضافت قائلة : "ومن عرف شخصية طارق ورقته وحنانه لم يكن يتوقع أن يقوم بهذا العمل ، وبالرغم من أنني كنت أتوقع الشهادة و إنني أذكر عندما كنت أشاهد حشرة على الأرض أطلب من طارق أن يقتلها كان يضع عليها الحذاء برفق فأقول له لا تجرؤ على قتل حشرة صغيرة فكيف ستقتل اليهود إذاً ، فيقول هذه حشرة ربما تضر وربما تنفع ولكن اليهود تختلف معهم المعادلة فهم قتلة محتلون" .
الإلهام الرباني :
كان الشهيد طارق يكتب كل صباح ورقة عمل تشمل بعض التوصيات التي كان يرغب في تنفيذها ، وفي يوم استشهاده ذهب والده أبو جهاد إلى غرفته فوجد ورقة عمل تختلف ، فقد كتب على الورقة : "التلفون يعود لأصحابه ... في رقبتي أربع دستات أقلام للمسجد ... و كتاب كذا يعود لصاحبه فلان …" ..
و تقول والدة الشهيد : "إننا شعرنا بأن طارق كان يكتب وصيته ويبرئ ذمته" .. وأم جهاد التي تعمل مدرسة في المدرسة الشرعية الإسلامية قالت : "لقد تلقيت مكالمة من أبي جهاد وكان باكيا و طلب مني أن أعود للمنزل ولما عدت وجدته على حاله فقلت له هل استشهد طارق ؟؟ فقال و إذا استشهد عليك أن تفرحي وكان الله ألقى في روعنا أن شهيد اليوم هو طارق بالرغم من أننا لم نعلم من هو الشهيد" .. وتضيف أم جهاد : "أن الراديو كان يتحدث عن تنفيذ عملية (أدورا) فقال لي أبو جهاد اسمعي هناك عملية ؟؟" ، و تضيف : "بمجرد أن سمعت عن العملية تمنيت أن يكون منفذها طارق و قد شعرت بسعادة غامرة لا تدانيها سعادة و دعوت الله من كل قلبي أن يكون منفذها طارق ، والله إنني لم أبكِ و لو دمعة واحدة و لم أحزن بل شعرت أن الله أكرمني و أتمنى أن يعطيني القدرة على شكره على نعمائه" ، وتضيف : "إن الله سبحانه وتعالى ابتلاني بالنعم (و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ، فقد رزقني بخمسة أبناء وبنت واحدة و جميعهم متفوقون في الدراسة و التعليم و التربية" .
كلمة للأمة الإسلامية :
و بعد أن أتحفتنا أم الشهيد طارق بحديثها قالت لنا في معرض وصيتها للأمة الإسلامية : "إن الجهاد ذروة سنام الإسلام والموت هو نهاية البشر حيث يعبرون منه إلى حياة أبدية وعلينا أن نختار الميتة التي نموتها" ، وقالت : "هناك خيط رقيق يفصل بيننا و بين تلك الحياة الأبدية و هي حب الدنيا وكراهية الموت ، فلتتعاونوا جميعا حتى نصل إلى ذروة النصر ولْنَهَبْ أنفسنا لله سبحانه" .
قصة الاستشهاد :
في يوم 27/4/2002 قررت مجموعة الشهيد عباس العويوي الانتقام لروح الشهيد أكرم الأطرش قائد كتائب القسام في منطقة جنوب الضفة و الشهيد مروان زلوم قائد كتائب شهداء الأقصى في مدينة الخليل واللذان قضيا في عمليتي اغتيال نفذت بحقهما حيث حددت المجموعة مستوطنة أدورا المقامة على أراضي بلدات تفوح و الظاهرية و دورا و يقطنها عدد من العائلات المستوطنة ومن ضمنهم جنود صهاينة ، فقام الشهيد طارق دوفش بالدخول للمستوطنة ، و حسب بيان توضيحي نشرته كتائب القسام فإن المجموعة دخلت إلى المستوطنة فجر يوم 27 /4/2002 و قتلوا خمسة صهاينة و جرحوا 13 بجراح أربعة منهم خطيرة ، ثم قاموا بالتجول داخل المستوطنة بيتا بيتا ثم عادوا ولكن طائرات العدو قامت بملاحقتهم في أعقاب اكتشاف العملية و حاصرت الشهيد طارق على مشارف بلدة تفوح حيث دار اشتباك عنيف بينه وبين جنود الاحتلال أسفر عن استشهاده . فيما نجح بقية أفراد المجموعة في الانسحاب وقد أعلنت قوات الاحتلال أنها قتلت أحد منفذي الهجوم على مستوطنة أدورا ثم قامت باجتياح مدينة الخليل بعد يومين من تنفيذ العملية ، وقد أعلن مسؤولين صهاينة أن اجتياح المدينة جاء ردا على العملية وليس ضمن خطة السور الواقي التي تم من خلالها اجتياح معظم المناطق الفلسطينية ، وقد استشهد خلال العملية ثمانية فلسطينيين وجرح أكثر من (100) واعتقل أكثر من (300) فلسطيني