البرغوثي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بصفته أقدم أسير سياسي في العالم (الجزيرة نت)
عوض الرجوب-رام الله
قبل أيام دخل عميد الأسرى الفلسطينيين، الأسير نائل صالح البرغوثي، عامه الثاني والثلاثين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ليكون بذلك أقدم أسير فلسطيني على الإطلاق في سجون الاحتلال.
اعتقل البرغوثي (52 عاماً) في الرابع من نيسان/أبريل عام 1978 لمشاركته في مقاومة الاحتلال، وحكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن المؤبد، وجاب طوال فترة اعتقاله العديد من السجون الإسرائيلية وتعرض لأشكال مختلفة من المضايقات.
وبعد أسابيع قليلة، يدخل ابن عمه الأسير فخري عصفور البرغوثي أيضا عامه الثاني والثلاثين في المعتقل، بينما ينضم إليهما لاحقا عدد من الأسرى الذين أتموا 31 عاما في سجون الاحتلال، وذلك بينما يستعد ذووهم لإحياء يوم الأسير الفلسطيني في 17 أبريل/نيسان الجاري.
قمع وتحد
"مسافات طويلة ومظلمة، ومحطات من القمع والتحدي وصراع الإرادات مع السجانين داخل المعتقل، وقناعة باستمرار المعركة في الخارج.. " هكذا يلخص الأسير المحرر عمر البرغوثي تجربة شقيقه نائل على مدى 32 عاما.
لا ينسى عمر الذي أمضى ما مجموعه عشرين عاما في سجون الاحتلال تلك اللحظات التي طُلبا فيها من غرفة السجن للقاء والدتهما في زيارتها الأخيرة لهما وهي على فراش الموت قبل ثلاث سنوات، حيث توفيت بعد الزيارة بعدة أشهر.
"
عندما قررنا الانخراط في الثورة كنا نعلم أنها عطاء دون أخذ، فالمناضل لا يلتفت إلى الوراء كونه يشكل قدوة للآخرين أثناء السير في ركب الحرية من الاحتلال
"
عمر البرغوثي
وتابع في حديثه للجزيرة نت "زارتنا والدتنا وكانت على حمالة الإسعاف وتعاني من مرض شديد، لقد كنا نعلم أنه اللقاء الأخير، صراع الإرادات جعلنا أكثر تماسكا ولم ننكسر أمام السجان، وعزز ذلك عبارات والدتي الأخيرة لنا حين قالت: درهم كرامة ولا بيت مال".
يضيف عمر أن قناعة شقيقه نائل وإيمانه بعدالة قضيته لم تتغير رغم الانتهاكات المتزايدة والظلام في سجون الاحتلال. وقال "عندما قررنا الانخراط في الثورة كنا نعلم أنها عطاء دون أخذ، فالمناضل لا يلتفت إلى الوراء كونه يشكل قدوة للآخرين أثناء السير في ركب الحرية من الاحتلال".
يفيد البرغوثي أن عميد الأسرى الفلسطينيين دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بوصفه أقدم أسير سياسي في العالم، لكنه يضيف "نحن لا نتمنى أن يصل نائل قسرا إلى الموسوعة بمكوثه في المعتقلات، لكن مع ذلك فنحن نفخر بهذه المرتبة، ونحن على قناعة بأنه سينال الحرية يوما ما".
من جهتها، انتقدت حنان شقيقة الأسير البرغوثي، قصور الجهات الرسمية والدولية والحقوقية تجاه مأساة شقيقها المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، مطالبة بممارسة ما يكفي من الضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عنه.
وقالت إن أبسط حقوق شقيقها تتعرض للانتهاك بما في ذلك حقه في الزيارة، موضحة أن أفراد العائلة يُمنعون من زيارته، وأنها لم تتمكن من زيارته في السنوات الست الأخيرة سوى مرة واحدة تمت قبل أسابيع.
وحول انطباعها عن شقيقها في الزيارة تقول "وجدته بنفس المبادئ والأفكار والمعنويات التي كان يتحلى بها عندما تعرض للاعتقال، وما اختلف عليه أنه كان شابا، أما اليوم فقد اشتعل رأسه شيبا، وكان لديه أبوان، ولكنه فقدهما دون أن تتحقق أمنيتهما بتحريره".
فخري البرغوثي (وسط) وابناه شادي وهادي (الجزيرة نت)
شراكة مزدوجة
ولا يختلف الأسير فخري عصفور البرغوثي، كثيرا عن ابن عمه نائل فهو شريكه في الدم والسجن، وفي شهر يونيو/حزيران القادم سيدخل عامه الثاني والثلاثين في سجون الاحتلال، بعيدا عن أبنائه وأسرته.
اعتقل فخري في الثالث والعشرين من يونيو/حزيران عام 1978 ، وكان حينها أبا لابن واحد هو شادي، ثم رزق بعد اعتقاله بابنه الثاني هادي، ليتعرف عليهما لاحقا بعد اعتقالهما من قبل سلطات الاحتلال.
ويوضح عمر أن سلطات الاحتلال لم تسمح لابنيّ الأسير بزيارة والدهما المحكوم بالسجن المؤبد، لكن القدر ساقهما إليه في السجن بعد اعتقالهما والحكم على ابنه الأكبر شادي بالسجن 27 عاماً، والأصغر هادي بالسجن أربع سنوات.
علاقة السجن بين أبناء العمومة لم تتوقف، فقد تزوج هادي نجل فخري بابنة عمر شقيق نائل، وتم حفل الزفاف في غياب أبوي العروسين وحضور الأقارب، وكأن لسان حياة عائلة البرغوثي يقول إن عجلة الحياة يجب أن تسير رغم كل الصعاب والعقبات.